مصرف لبنان المركزي: الدولة تمر بأوضاع استثنائية وسنحافظ على استقرار الليرة
البنوك.كوم:
أكد حاكم البنك المركزي اللبناني رياض سلامه، أن لبنان يمر بأوضاع استثنائية تقتضي سرعة تشكيل الحكومة وتنفيذ إصلاحات في الخدمات الأساسية بما يعزز الثقة في الدولة ويبعث على الاستقرار والاطمئنان داخليا وخارجيا، مشددا على أن المصرف المركزي مستمر في المحافظة على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية وأن لديه جميع الإمكانيات اللازمة لذلك الأمر، إلى جانب عدم تقييد التحويلات المالية.
وقال سلامه – في مؤتمر صحفي عقده اليوم الاثنين – إن لبنان واجه منذ عام 2015 العديد من الاضطرابات السياسية التي أثرت على الأوضاع الاقتصادية والمالية، لاسيما في مسألة الفراغ والتأخير في الانتخابات وتشكيل الحكومات وتوسع حجم القطاع العام، مشددا على أن المصرف المركزي استطاع رغم الأزمات الحفاظ على الثقة، لا سيما في الليرة اللبنانية لتوفير النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.
وأشار إلى أن ثبات سعر صرف الليرة اللبنانية يمثل عنوان ثقة لاستمرار دخول الدولار الأمريكي إلى لبنان، لافتا إلى أن التراجع في الحركة الاقتصادية، وانخفاض النمو ليصبح دون الصفر (بالسلب) في العام الحالي وزيادة معدلات البطالة، ساهم في حال التراجع الكبيرة التي تشهدها البلاد.
وشدد على أن “الهندسات المالية” التي أجراها البنك المركزي منذ عام 2016 سمحت بتكوين احتياطات كبيرة من الدولار لدعم استقرار الليرة اللبنانية، وتكوين رأسمال لدى المصارف وتطبيق المعايير الدولية للعمل المصرفي، وساهمت بقدر كبير في ملاءة المصارف اللبنانية والمحافظة على الإمكانيات لتمويل احتياجات البلد.
وأوضح أن الودائع التي أخذها المصرف المركزي بالدولار من البنوك، تم سداد فوائد عليها ما بين 25ر6 إلى 89ر6% في حين أن الفائدة حاليا في الأسواق العالمية فوق الـ 15% وهو ما يعني أن لبنان كسب دولارات بأسعار مقبولة، مشددا على أنه لم يتم مطلقا استعمال المال العام في أي هندسات مالية، وأنه في المقابل فإن الدولة حصّلت ضرائب من نتائج هذه الهندسات في حدود 800 مليون دولار، كما أن البنك المركزي خصم من الفوائد على الأوراق بالليرة اللبنانية ما يساوي 5 مليارات دولار.
وأشار إلى أن الاحتياطي الموجود لدى مصرف لبنان المركزي، خلافا للاحتياطي الاستراتيجي من الذهب، يقارب 38 مليار دولار شاملة سندات اليورو بوند واستثمارات المصرف المركزي، وأن القدرة النقدية (السيولة) التي يمكن استعمالها بصورة فورية بحدود 30 مليار دولار.
وأكد أن كافة السياسات التي اعتمدها المصرف المركزي على مدى 27 عاما، ساعدت لبنان وخدمت اللبنانيين، لا سيما في ما يتعلق بالقدرة الشرائية وضخ السيولة، كما أنها عززت من إمكانيات القطاعات الاقتصادية، ووفرت الدعم عبر القروض السكنية، ودعمت قطاعات الصناعة والسياحة والطاقة البديلة، بما خلق فرص العمل وأوجد حركة داخل البلاد.
ولفت إلى أنه ومنذ بدء تراجع السيولة في لبنان منذ عام 2017 ، والمصرف المركزي يحرص على عدم خلق تضخم أو وجود أي خطر يتهدد استقرار الليرة اللبنانية، عبر مجموعة من الضوابط والمبادرات.
وقال إن الفرق في سعر صرف الليرة ما بين المصرف المركزي (الدولار يساوي 1507 ليرات) ولدى شركات الصرافة (قرابة 1900 ليرة) مرجعه ضغط العرض والطلب في ظل الظروف الاستثنائية، مشددا على أن مصرف لبنان لن يعطي الصرافين دولارات من أجل النزول بسعر الصرف إلى المستوى الطبيعي.
وذكر أن بعض الصرافين يقومون بتمويل بعض الأعمال التجارية والاستيراد الصناعي، وليس فقط ادخار الأفراد، وهو ما يمثل ظاهرة في ظل ظروف استثنائية، وأنها ستتراجع مع الوقت عقب الوصول إلى حالة من الارتياح والرؤية الواضحة بما يؤدي إلى نظرة مستقرة نحو المستقبل.
وشدد على أن المصرف المركزي أخذ التدابير لعدم تعرض البنوك للتعثر وهو ما يعني بالضرورة حماية الودائع في لبنان، مؤكدا أن هذا الأمر يمثل أمرا أساسيا لا بديل عنه، وأن المودعين لن يتحملوا أية خسائر من أي نوع، كما أنه لن يكون هناك ثمة اقتطاع من الودائع لاسيما وأن المصرف المركزي لا يريد هذا الأمر إلى جانب أن القانون لا يسمح بذلك مطلقا.
وأوضح أن المصرف المركزي أعلم البنوك أن بإمكانهم الحصول على الدولار من مصرف لبنان بالدولار بفائدة 20% لسداد احتياجاتهم، غير أن هذه الأموال لن تكون قابلة للتحويل إلى الخارج، مع استمرارية تلبية الحاجة بالدولار للاستمرار في استيراد المواد الاستراتيجية مثل البنزين والقمح والأدوية.
وقال: “ليس واردا تقييد التحويلات المالية ومصرف لبنان ليس لديه صلاحية هذا الأمر طبقا للقانون، كما أنه لا يريد ذلك، لأن لبنان يعيش على التحويلات من الخارج، ومن ثم فإن هذا الأمر غير منطقي”.
وأضاف: “نمر بمرحلة تاريخية ونأمل أن تأخذ الأمور طريقا نحو مستقبل أفضل، ونحن نرى أن الموازنة العامة للدولة يجب ألا يكون فيها عجز، على أن يتم عمل هذا الشيء دونما الإضرار بالعاملين أو المواطنين، وألا تكون هناك ثمة ضرائب جديدة، وأن تكون هناك إصلاحات أساسية في الخدمات لاسيما في قطاعات الكهرباء والمياه والبيئة، مع تفعيل القطاع الخاص وأن تكون هناك شراكة بين القطاعين العام والخاص”.