بقلم – نجلاء ذكرى:
المتابع للمشهد الاقتصادي في مصر سيكتشف عدة امور فهناك فئة لن ترضي ابدا وتري في كل انجاز فرصة للنقد، وفئة اخري تهلل علي طول الخط، وفئة ثالثة تحلل وتتدبر كل قرار اقتصادي وتزنه بميزان المكسب والخسارة.
هل الدين الخارجي لمصر كبير .. نعم ولكن هل خرج هذا الدين عن الحدود الامنة ؟ لا
هل خدمة الدين كبيرة ؟ نعم .. ولكن هل منعت مصر من سداد التزاماتها في وقتها واحيانا قبل وقتها ؟ لا .. اذن لماذا نقترض من الداخل والخارج؟
اولا الدين الداخلي اي الاقتراض من الداخل بالجنيه المصري عبر اذون خزانة وسندات قصيرة الاجل بهدف سد فترات في الموازنة لحين تحصيل موارد بمعني ان الموازنة عليها التزامات في عدد من الشهور بينما الموارد سيتم تحصيلها في شهور لاحقة فتلجأ المالية لاصدار اذون وسندات خزانة من خلال البنك المركزي يتم سدادها بفوائدها في اوقاتها .. هل الدين الداخلي يتناقص ؟ نعم .
اما الدين الخارجي فهو بالنقد الاجنبي لماذا ؟ لاستيراد مستلزمات انتاج او معدات رأسمالية لخدمة مشروعات قومية قائمة. والسؤال هل الطرق والكباري مشروعات ملحة؟ نعم .. اولا لان اقامة هذه المشروعات تكلفتها اليوم اقل بكثير من الغد. ثانيا ان هذه المشروعات تشغل ايدي عاملة كثيرة في وقت يعجز فيه القطاع الخاص عن توفير هذا الكم الكبير من فرص العمل فماذا يحدث؟ تقليل معدل البطالة، وزيادة الدخول الجديدة التي تدخل سوق الاستهلاك فتتحرك عجلة الانتاج ويدور رأس المال للمشروعات العامة والخاصة بوتيرة اسرع بما يعنيه ذلك من زيادة في الناتج المحلي وايضا في عوائد الضرائب عن الارباح المحققة بما ينعكس ايجابيا علي ميزانية الدولة واخيرا وليس اخرا البنية الاساسية الجيدة تجذب المستثمر المحلي والاجنبي وتوفر في الوقت الذي يترجم في نهاية المطاف لانتاج وارباح.
كان من الممكن ان نستمر في القاء اموال مصر في الدعم الغذائي او دعم الطاقة الذي يذهب في البلاعة الاستهلاكية الكبيرة ولا يحقق اي عائد اجتماعي او اقتصادي في حين ان تدبير موارد للتعليم والصحة والاسكان الاجتماعي اجدي واكثر انتاجية.
ماذا سنترك للاجيال القادمة؟ هل سنترك لهم ديون … لا سنترك بنية اساسية جاذبة سنترك مسكن ملائم وبيئة خالية من التلوث والعشوائيات وفرص عمل وتعليم جيد ملائم لسوق العمل وفرص للشباب وموارد اكبر من خلال العاملين في الخارج والسياحة وقناة السويس والصادرات … مصر في احلك الظروف لم تتأخر يوما واحدا عن سداد التزاماتها الخارجية والداخلية علي سبيل المثال سددنا بعد احداث يناير ٢٠١١ نحو ١١ مليار دولار للمستثمرين الراغبين اما في الخروج من السوق او تحويل ارباح ووقتها ثار البعض ضد الدكتور فاروق العقدة المحافظ الذي سمح بخروج هذه المليارات في وقت عصيب .. وتمر الايام ونعرف ان وطنية العقدة كانت وراء القرار الذي حافظ علي سمعة مصر وملائتها المالية حتي في ظل اكبر اضطراب سياسي حدث في تلك الفترة .
نقول لكل من يري في اي انجاز سببا لبث السموم في جسد مصر .. اتقوا الله في بلدنا وسيذكر التاريخ ان مصر تمكنت من استغلال فترات الكورونا والحروب علي الساحة الدولية من ان تخطف انجازات مهمة في غفلة من الزمن قد لا توجد فرص في المستقبل لتحقيقها.