بنوكعربية

عدنان يوسف: بادرنا بوضع استراتيجية لمجموعة البركة لمواجهة أثار جائحة كورونا

ارتفاع الدخل التشعيلي للمجموعة بنسبة 25% ليصل الى 553 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الجارى

بنك البركة لبنان يعمل بصورة اعتيادية رغم الظروف التي يمر بها لبنان الشقيق

تحديث تصنيف مجموعة البركة من قبل “ستانرد اند بورز” مع نظرة مستقبلية مستقرة

أداء متميز لبنك البركة مصر ومشاركة فعالة فى مبادرة المصانع المتعثرة ودعم المشروعات الصغيرة وانشاء صندوق البركة للاستثمار

الاقتصاد المصرى يشهد طفرة كبيرة نتيجة للإصلاحات الاقتصادية وارتفاع نمو الناتج المحلي من 2.1% الى 5.6% العام الماضى

جائحة كورونا ستكلف الاقتصادات العربية وفق صندوق النقد الدولى 3% انكماشا يعادل استبعاد 425 مليار دولار من الناتج المحلى الإجمالى

 

البنوك كوم ـ حوار- نجلاء ذكرى:

فى ظل التحديات الكبيرة التى يواجهها العالم إثر تفشى جائحة كورونا، بالإضافة إلى التحديات السياسية والعسكرية التى تشهدها بلدان المنطقة العربية يصبح التنبوء بالمستقبل صعبا إن لم يكن مستحيلا حيث تفرض هذه التحديات على دول المنطقة تدابير غير اعتيادية يصبح معها مواصلة النمو عملية صعبة على كافة الحكومات.

وفى إطار هذا الغموض يصبح لزاما علينا استكشاف المستقبل من خلال نظرة الخبراء التى تعطينا رؤية واضحة تبدد غيوم عدم اليقين وتعطينا مفاتيح للحلول ومعالم للطريق.

ومن أبرز الخبراء المصرفيين الأستاذ عدنان يوسف الرئيس التنفيذى لمجموعة البركة المصرفية والذى استشرفنا معه معالم المستقبل الإقتصادى للعالم وللمنطقة العربية فى ظل هذه التحديات غير السبوقة فكان هذا الحوار..

  • بداية أستاذ عدنان يوسف هل تأثرت أعمال المجموعة بأزمة كورونا؟

إن المجموعة البركة المصرفية كحالها من بقية المؤسسات المالية، فرضت عليها أزمة كورونا إعادة جدولة الأولويات، حيث شهدنا خلال الأشهر الماضية تحديات غير مسبوقة لم يشهدها العالم منذ أمد طويل ناجمة عن تفشي الوباء، وما خلفه ذلك من أضرار وأثار سلبية وواسعة عبر مختلف القطاعات والمهن والمؤسسات والمجتمعات، بما في ذلك البنوك والمؤسسات المالية. وانطلاقا من فلسفة ونموذج أعمالنا المسئولين اجتماعيا، فقد بادرنا لوضع استراتيجية شاملة، لا تركز على الحفاظ على سلامة أوضاعنا المالية خلال الجائحة فقط، بل توفر الدعم المطلوب للمجتمعات التي نعمل فيها، والأفراد والمؤسسات والشركات التي تتعامل معنا، وبنفس الوقت الحفاظ على استدامة خدماتنا وسلامة وحماية موظفينا.

منذ بداية تفشي جائحة كورونا، بادرنا على مستوى المجموعة والوحدات إلى تفعيل خطط استمرارية الأعمال، والتي تضمنت العديد من المبادرات الاحترازية الصحية والتشغيلية والمالية وذلك بهدف حماية عملائنا وموظفينا، وتوفير الدعم للعملاء، مع مراقبة محافظنا التمويلية والاستثمارية، والتواصل مع العملاء المحتملين، والمحافظة على أرصدة سائلة ملائمة تحسبا لمواجهة كافة الاحتمالات، وتعزيز امن شبكة البيانات والمعلومات والخدمات التقنية.

كما جاءت الجائحة وما فرضته على المؤسسات والبنوك لتقديم خدماتها عن بعد، لتثبت ولله الحمد نجاح استراتيجياتنا في التحول نحو الصيرفة الرقمية التي دشناها قبل عامين، حيث تمت المبادرة في المجموعة والوحدات إلى تحويل شبكاتنا الالكترونية إلى منصات متكاملة لتقديم كافة الخدمات المصرفية التي يحتاجها العملاء وأصحاب المصلحة الأخرين، وهو الأمر التي أسهم بصورة كبيرة في توفير الأمان لعملائنا وموظفينا، وفي استمرارية تقديم خدماتنا المصرفية على النحو المتميز.

. ما هو الوضع المالى الحالى للمجموعة؟

لقد أثمرت كافة الجهود التي قمنا بها لمواجهة جائحة كورونا عن تحقيق نتائج طيبة ولله الحمد خلال النصف الأول من العام الجاري. فقد ارتفع مجموع الدخل التشغيلي للمجموعة بنسبة 25% خلال النصف الأول من العام 2020 ليبلغ 553 مليون دولار بالمقارنة مع 442 مليون دولار خلال النصف الأول من العام 2019. وكنتيجة إيجابية لتمكن المجموعة من التحكم في المصروفات، ارتفع صافي الدخل التشغيلي بنسبة 62% ليبلغ 275 مليون دولار خلال النصف الأول من العام 2020 بالمقارنة مع 170 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. كما بلغ مجموع صافي الدخل 90 مليون دولار أمريكي مقارنةً مع 95 مليون دولار أمريكي وبانخفاض قدره 5%.

وقد جاء هذا الانخفاض على أثر قيام المجموعة برصد زيادة كبيرة في المخصصات التحوطية لمقابلة الأضرار المتوقعة والناجمة عن الأثر الاقتصادي السلبي لجائحة كوفيد 19 على أعمال المجموعة والوحدات التابعة لها، حيث ارتفعت هذه المخصصات بنسبة 345% لتبلغ 127 مليون دولار خلال النصف الأول من العام 2020 بالمقارنة مع 28 مليون دولار خلال النصف الأول من العام 2019.

وفيما يتعلق ببنود الميزانية، فقد بلغ مجموع الحقوق 2.16 مليار دولار أمريكي، فيما  يلغ مجموع الأصول  26.13 مليار دولار في نهاية يونيو 2020.  وركزت المجموعة خلال النصف الأول من العام على الاحتفاظ بنسبة كبيرة من هذه الأصول في شكل أصول سائلة وذلك لمواجهة أي احتياجات طارئة لوحدات المجموعة بسبب جائحة كورونا.

  • هل لدي المجموعة فروع في لبنان؟ واذا كانت هناك فروع هل تأثرت بأوضاع لبنان الحالية ؟

لدينا في لبنان بنك البركة وهو تأسس عام 1992، وهو أول مصرف تنموي يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية عبر تطبيق قانون العقود الائتمانية في لبنان. بعد صدور قانون المصارف الإسلامية عام 2004 حصل المصرف على ترخيص بالعمل كمصرف إسلامي متكامل. إن الهدف الاساسي لبنك البركة لبنان يكمن في تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية السمحة لتنمية اقتصاد المجتمع الذي ينتمي إليه وتحقيق التكامل بين أفراده وتطوير قدراتهم، وتقديم خدمات مصرفية مميزة بصيغ تمويل إسلامية في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية كافة.

وقد حقق البنك إنجازات هامة طيلة السنوات السابقة، لكن نتيجة معاناة لبنان من عدم الاستقرار على خلفية استمرار الركود الاقتصادي حلال السنوات القليلة الماضية، تأثرت أعمال البنك في الوقت الحاضر، لكن البنك لا يزال يعمل بصورة اعتيادية وأوضاعه المالية جيدة. وقد تمكن البنك خلال العام الماضي من وضع استراتيجية للتحول الرقمي التي من المقرر أن تعود على البنك بمزايا جمة في المستقبل. كما كان البنك أيضًا نشطًا في تمويل التجارة الخارجية خلال العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، حصل البنك خلال العام الماضي على جائزة أفضل بنك إسلامي في لبنان 2019 من مجلة غلوبال فاينانس.

  • هل لديكم تواجد في سوريا أو ليبيا أو العراق أو اليمن؟ وما مستقبل هذه الفروع؟

لدينا أيضا وحدة مصرفية في سورية، وهي بنك البركة سورية وتأسس عام 2009 ولديه 14 فرع في جميع أنحاء سورية، وهو مساهم قوي في الاقتصاد السوري، ويتمتع بأوضاع مالية جيدة للغاية، حيث حقق صافي دخل قدره 15 مليون دولار خلال العام الماضي 2019. وقد افتتح البنك خلال العام 2019 مقره الرئيسي الجديد في يافور. كما فاز البنك بجائزة أفضل مبادرة استدامة من ”سي بيه آي“ إنترنشيونال.

وفي ليبيا ليدنا مكتب تمثيلي يشرف على أعمال المجموعة في السوق الليبي ويتولى توطيد علاقاتها مع العملاء الليبيين. أما في العراق، فأن المجموعة تعمل من خلال فروع بنك البركة تركيا المتواجدة في العراق. ولا يوجد للمجموعة فروع في اليمن.

  • ما هو التصنيف الاتتماني الحالي لمجموعة البركة؟

في نهاية شهر أبريل الماضي، قامت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف العالمية S&P Global Ratings بتحديث التصنيف طويل الأجل لمجموعة البركة المصرفية   ‘-BB’ مع نظرة مستقبلية ‘مستقرة’، مع التأكيد على التصنيف ‘ب’ /  ‘B’ قصير المدى للبنك. وتعكس النظرة المستقرة للمجموعة، وفقا للوكالة، إلى السجل القوي لإدارة المجموعة في تجاوز بيئات الأعمال الصعبة، وهو الأمر الذي نفتخر ونعتز به.

كما منحت الوكالة الإسلاميّة الدولية للتّصنيف تصنيفا دوليا بدرجة BBB+ (الطويل المدى) / A3 (القصير المدى) وتصنيفا محلّيا بدرجة ( A+ (bh) / A2 (bh) مع درجة مضارب من ’85-81’، وهي أعلى مستوى بين المؤسسات المالية الإسلامية في المنطقة، حيث أكدت الوكالة على النمو الإيجابي في أصول المجموعة في عام 2019 والامتياز القوي لودائع التجزئة في الأسواق المحلية الذي يستمر بتوفير تمويل مستقر ذي تكلفة فعالة إلى وحدات المجموعة.

  • كيف تري أداء البركة مصر؟

شهد أداء البنك خلال السنوات السابقة طفرات متميزة سواء من حيث الأرباح أو التوسع في الأعمال أو دعم التحولات الاقتصادية التي تشهدها مصر. وخلال النصف الأول من العام الجاري، ارتفعت أرباح البنك بنسبة 1.1% وبلغت 543.67 مليون جنيه مقابل 537.6 مليون جنيه أرباح خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وشهد البنك خلال العام الماضي زيادة في تركيزه على أعمال تمويل التجارة الخارجية، والتوسع فيها في البلدان التي توجد فيها وحدات مجموعة البركة الأخرى، وفي الوقت نفسه عزز البنك مقاييس المخاطر. كما وضع البنك اللمسات الأخيرة على خططٍ لإنشاء صندوق البركة للاستثمار لتمكين أسواق المال من توفير السيولة للمستثمرين من خلال عرض عائد يومي. كما يتخذ البنك أيضًا خطوات لتحسين جودة الأصول إلى جانب التركيز على ترشيد بعض عملياتها.

كما شارك البنك في مبادرة المصانع المتعثرة التي أطلقتها الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي وذلك انطلاقا من إيمان البنك بأهمية نهوض القطاع الصناعي في مصر ودعم كافة المبادرات الحكومية الهادفة إلى دعم القطاع الصناعي. كذلك قدم مختلف المساهمات للمجتمع والاقتصاد المصري خلال فترة جائحة كورونا.

كما يقدم البنك الدعم الكبير للقطاع الصناعي بدليل أن نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة «SMEs» تمثل نحو 20% من إجمالي المحفظة الائتمانية بالبنك.

  • ما هى رؤيتك للإقتصاد المصرى وعملية التنمية الواسعة حاليا؟

إن قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني بتثبيت تصنيفها للاقتصاد المصري عند مستوى “B2” مع نظرة مستقبلية مستقرة تعتبر شهادة كبيرة على صمود الاقتصاد المصري في وجه جائحة كورونا.

وجاء هذا التثبيت بفضل السجل الحافل بالإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي جعلت أداء الاقتصاد المصري أكثر مرونة وقدرة على امتصاص الصدمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي جائحة فيروس كورونا. كم ان ثمار الإصلاحات الاقتصادية لمصر والتي تمثلت في توافر احتياطي قوي من النقد الأجنبي وقاعدة تمويل محلية واسعة النطاق وواردات تكفي تغطية مدفوعات الدين الخارجية أسهمت جميعها في خلق منطقة عازلة تجنب الاقتصاد المصري عاصفة نزوح رؤوس الأموال التي اجتاحت غيره من الأسواق الناشئة في أعقاب تفشي جائحة فيروس كورونا.

وعام بعد عام، يتحسن الأداء وتزيد النجاحات، حتى صارت مواجهة التحديات بمزيد من المشروعات والإنجازات، منهج الدولة على مدار السنوات الستة الأخيرة، والتي شهد الاقتصاد المصري خلالها تحسناً كبيرا مقارنة بالأوضاع السابقة، وخاصة منذ العام 2016، بعد إطلاق برنامج الإصلاحات الاقتصادية، حيث ارتفع نمو الناتج المحلي من 2.1% خلال الفترة من 2011-2013، إلى 5.6% حاليا خلال عام 2018/2019.

  • هل هناك زيارة متوقعة لمصر قريبا؟ وبأي غرض؟

إن شاء قريبا جدا ستكون لنا زيارة لمصر العزيزة على قلوبنا جميعا، وهدفها بشكل رئيسي زيارة وحدتنا المصرفية، بنك البركة مصر، علاوة على اللقاء بعدد من البنوك المصرفية بهدف توطيد العلاقات معها.

  • هل تأثر اداء المجموعة بعد رحيل مؤسسها صالح كامل؟

كما نعلم جميعا، فقد تولى رئاسة مجلس إدارة المجموعة خلفا للمرحوم الشيخ صالح عبدالله كامل أبنه الأستاذ عبدالله صالح كامل، وهو خير خلف لخير سلف.   والأستاذ عبدالله يعتبر من الشخصيات الأوائل التي واكبت تأسيس المجموعة، وشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيسا للجنة التنفيذية في المجموعة لعدة سنوات، ومن الذين ساهموا بفاعلية في وضع وتطوير استراتيجيات التنويع والتوسع للمجموعة وأشرفوا على تنفيذها طوال السنوات السابقة، ويرجع له الفضل في الكثير من الإنجازات التي حققتها إلى جانب والده مؤسس المجموعة رحمه الله.

إلى جانب ذلك، الأستاذ عبد الله صالح كامل هو رئيس مجلس إدارة شركة عسير، ورئيس مجلس أملاك للتنمية والتمويل العقاري، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، ونائب رئيس مجلس إدارة مدينة الملك عبد الله الاقتصادية إعمار. وقد شغل سابقًا العديد من المناصب التنفيذية في مجموعة دلة البركة، وبلغت ذروتها في منصب نائب الرئيس لقطاع الأعمال حتى عام 1999 عندما تولى منصبه الحالي. ويمتلك الأستاذ عبد الله صالح كامل خبرة متنوعة تزيد عن 30 عامًا في القطاعات المصرفية والاستثمارية والصناعية.

كما أن المرحوم الشيخ صالح كامل كرس تقاليد ونهج واستراتيجيات راسخة للمجموعة، ونحن عازمون على المضي في مواصلة تنفيذها إن شاء الله.

  • هل هناك نية من الدول الأعضاء باتحاد المصارف العربية للمساهمة فى دعم لبنان؟ أو تقديم تسهيلات للبنوك اللبنانية؟

جميع البنوك العربية لديها علاقات عمل وخطوط تمويل مع المصارف اللبنانية ولديها أعمال مشتركة بصورة يومية سواء فتح اعتمادات مستندية أو تحويلات مالية أو غيره. كما أن البنوك العربية دخلت في عدة مشاريع في لبنان تتعلق بتطوير الاقتصاد اللبناني. صحيح إن هذه العلاقات تأثرت في الفترة الأخيرة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني، لكن البنوك العربية على أتم الاستعداد لتوسيع هذه العلاقات، خاصة بعد أن يتم الاتفاق على برنامج للإصلاح الاقتصادي والمالي في لبنان.

  • كيف ترى مستقبل المنطقة العربية الإقتصادى فى ظل التحديات السياسية  الحالية؟

يتوقع صندوق النقد الدولي أن الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا سوف يكون بالغا على الاقتصاديات العربية، حيث يتوقع أن تسجل المنطقة انكماشا في 2020 بمتوسط قدره 3.1%ن وربما يصل إلى 4% في معظم بلدان المنطقة، وهو ما يعادل استبعاد 425 مليار دولار من الناتج الكلي للمنطقة. كما سوف تتعرض الأرصدة الخارجية وأرصدة المالية العامة للضغوط الشديدة، وخاصة الدول المصدرة للنفط، ليس بسبب جائحة كورونا فحسب، بل أيضا بسبب انخفاض الطلب العالمي وانخفاض أسعار النفط،.

وعلى خلاف الصدمات الأخرى على مر التاريخ والتي كانت تؤثر على أحد جانبي الاقتصاد الكلي (العرض أو الطلب)، يتبين أن فيروس كورونا قد أثر بصورة مباشرة على جانبي الطلب والعرض معاً، الأمر الذي تطلب استجابة واسعة على صعيد السياسات النقدية والمالية لدعم الطلب وتوفير التمويل اللازم للقطاعات المختلفة والأكثر تضرراً من تفشي فيروس كورونا.

أما بالنسبة للمستقبل، فنحن دوما ندعو لربط توظيف الأموال بخدمة الاقتصاد الحقيقي للمجتمعات. لذلك باعتقادنا أن أزمة وباء كورونا سوف تفرض على العالم العمل على رد الاعتبار إلى الإنتاج الوطني في مقابل الأنماط السائدة عالمياً، بل إعادة الاعتبار للإنتاج نفسه على حساب التداول الرقمي المنفصل عن الإنتاج. لقد باتت الشعوب تتطلع إلى حكوماتها ليس لإنقاذها في أوقات الأزمات الشديدة، بل بالتأكيد سوف تطالبها بتوفير ضمانات لعدم تكرار مثل هذه الأزمات، وحتى في حال تكرارها، فأنه يتوجب عليها أن تكون في وضع أفضل لمواجهتها ليس صحيا وطبيا فحسب، بل في كيفية حماية الفئات الضعيفة اجتماعيا، وحماية عجلة الإنتاج ودوران الاقتصاد، حيث بات من الواضح أن كافة الدول تسعى لحماية الأرواح لكن مع بقاء الاقتصاد يتنفس، لأن ذلك جزء من حماية الأرواح أيضا.

إن جانب من الدروس الرئيسية للأزمة هو أن الدولة مهما سعت لتقليص وظائفها بحجة إفساح المجال للقطاع الخاص للعب دور أكبر في الاقتصاد، فأنها يجب عليها أن تضمن وجود شبكة صحية ورعاية اجتماعية قوية، وان تكون قادرة في اوقات الأزمات ممارسة دور رئيسي في حماية المجتمع، وأن تشجع كذلك القطاع الخاص بما في ذلك المؤسسات المالية على توجيه الأموال نحو الاقتصاد المنتج الحقيقي.

  • كيف يمكن للبنوك العربية التحوط من المخاطر غير التجارية ؟ وهل يمكن تأسيس صندوق عربى لهذا الغرض؟

باتت جميع البنوك ملزمة باتباع نهج لإدارة كافة المخاطر التجارية وغير التجارية مثل مخاطر الائتمان ومخاطر السوق ومخاطر العملات ومخاطر السمعة ومخاطر التشغيل ومخاطر السيولة وغيرها. وكافة هذه المخاطر قد تكون ناجمة عن أسباب تتعلق بالمحافظ التمويلية والاستثمارية نفسها، وقد تكون ناجمة عن أسباب اقتصادية وقد تكون سياسية أو بيئة أو أوبئة كما شهدنا في الوقت الحالي. لذلك، فأن كل البنوك تحتفظ بخطط للطوارئ تقوم بتفعيلها في وقت الأزمات تأخذ بالاعتبار كافة العوامل المحتملة سواء مالية أو تجارية أو سياسية.

أما بالنسبة لتأسيس صندوق مصرفي عربي للطوارئ، فقد صدرت بالفعل دعوة من اتحاد المصارف العربية لتأسيس هذا الصندوق، لكنه لم يرى النور بعد. وأعتقد إن الإجراءات التي اتخذتها المصارف المركزية العربية بالتعاون مع الحكومات وفرت دعم كبير للمصارف العربية لتقوم بدورها في هذه المرحلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى