مقدار التدفقات المالية غير المشروعة قدرت بنحو تريليون دولار سنويا
تحت رعاية السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي – رئيس الجمهورية، افتتح اليوم الدكتور/ مصطفى مدبولي -رئيس مجلس الوزراء أعمال “ورشة العمل السنوية المشتركة للتطبيقات وبناء القدرات” لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تستضيفها وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية بالتعاون مع البنك المركزي المصري، وتنظمها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF بالشراكة مع كل من مجموعة مكافحة غسل الأموال لمنطقة شرق وجنوب أفريقياESAAMLG ، ومجموعة غرب أفريقيا لمكافحة غسل الأموال GIABA.
حضر الافتتاح المستشار/ أحمد سعيد خليل ـ رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والسادة وزراء التضامن الاجتماعي، والاستثمار والتعاون الدولي، وشئون مجلس النواب، والعدل، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والمالية، وقطاع الأعمال العام، والنائب العام، ورئيس هيئة الرقابة المالية، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية.
تستمر أعمال الورشة على مدار أربعة أيام بمشاركة عدد كبير من الخبراء وممثلي الجهات والمنظمات الدولية والإقليمية، منها مجموعة العمل المالي FATF، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومعهد التدريب التابع لمجموعة العمل المالي (FATF-TREIN)، والمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، ومجموعة إجمونت (الاتحاد العالمي لوحدات التحريات المالية)، وغيرها من الجهات الدولية ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب ممثلين من عدة دول مهتمة بجهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي كلمته الافتتاحية أكد الدكتور/ مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء أن “استضافة مصر لهذا الحدث الهام يعكس رؤية مصر نحو ضرورة دعم وتنمية كافة الجهود البناءة التي تعلي من شأن دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، والتي تسهم في مواجهة كافة التحديات التي تواجهها خاصة في ظل تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي خلال عام 2019”.
وأوضح أن “مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب تمثل بحق أهم الأخطار التي تهدد استقرار النظام المالي والاقتصادي العالمي، وترجع أهمية تقييم تلك المخاطر إلــى الحجم الهائل من الأموال المتحصلة من الجرائم التي يتم غسلها، وتمثل نسبة لا يستهان بها من إجمالي الناتج المحلى العالمي، هذا إلى جانب درجة الاحتراف العالية التي تتسم بها الجهات التي تقوم بعمليات غسل الأموال والتي أصبحت تتمتع بآليات منظمة تستخدم بشكل متزايد مختلف التقنيات الحديثة والنظم المتطورة للاتصالات”.
وأضاف أن “موضوع مكافحة غسل الأموال يكتسب أهمية متصاعدة مع اتساع دائرة الارهاب ومنظماته محليًا وقلمياً ودولياً، كما أن تزايد عمليات غسل الأموال ومدى ارتباطها بتمويل الإرهاب أعطى عمقاً جديداً لهذه الآفة العابرة للحدود التي اتخذت أشكالاً جديدة وتنوعت وتشعبت مستفيدة من التقنيات الحديثة والمتطورة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية الجديدة وأساليب التواصل الالكتروني المتطور من خلال القنوات المصرفية”.
وحول الجهود المصرية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أوضح أن “مصر قطعت شوطا طويلا في هذا المجال، حيث تم وضع الأطر التشريعية والرقابية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من تشريعات وقوانين ولوائح وضوابط رقابية وقواعد للتعرف على هوية العملاء بمختلف المؤسسات المالية، وتأتي هذه الأطر اتساقا مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي وضعتها المنظمات الدولية، وعلى سبيل الخصوص الأمم المتحدة ومجموعة العمل المالي FATF ومجموعة إجمونت (الاتحاد العالمي لوحدات التحريات المالية)”.
وأكد أن “ورشة العمل تأتي في فترة مهمة للغاية، حيث أننا مقبلون على بداية عملية التقييم المتبادل للنظم المصرية المطبقة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي سيتم بمعرفة فريق خبراء من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF)، في إطار الجولة الثانية لعملية التقييم المتبادل لدول المجموعة، وهو ما يتطلب تضافر وتكاتف جهود كافة الجهات المعنية للخروج بأفضل نتيجة تليق باسم وسمعة مصر، وتتلاءم مع الجهود المبذولة علي أرض الواقع، الأمر الذي يتطلب الاستعداد بشكل جيد ويستلزم عملاً وجهداً وإصراراً من الجميع لتحقيق الهدف المنشود، وبالنظر للأهمية الكبيرة لعملية التقييم المتبادل للنظم المصرية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإن الأمر يتطلب تضافر جهود كافة الجهات لتفادي التعرض لآثار سلبية”.
ومن جانبه صرح المستشار/ أحمد سعيد خليل ـ رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن “تنظيم هذه الورشة الهامة يأتي في إطار الجهود التي تبذلها مصر في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على كافة الأصعدة، واستمرارالدعم أنشطة مجموعة MENAFATF حيث تتولى مصر منصب نائب رئيس المجموعة خلال عام 2019 ومنصب رئيس المجموعة خلال عام 2020”
وأوضح أن “مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليست بالأمر اليسير ولكنها تحتاج إلى جهد دؤوب على المستوى الاقليمى والدولي، خاصة في ظل عولمة الاقتصاد ونمو أسواق المال الدولية، ومن ثم باتت عملية مكافحة هاتيــن الجريمتين من الموضوعات الهامة والمعقدة على مستوى العالم، ويعزى وجه التعقيد إلى درجة الاحتراف العالية التي تتسم بها الجماعات التي تقوم بعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتي أصبحت تتمتع بآليات منظمة تستخدم بشكل متزايد مختلف التقنيات الحديثة والنظم المتطورة للاتصالات”.
وأكد أن “العالم يواجه حالياً ولاسيما منطقتنا العربية الكثير من التحديات التي تفرضها التدفقات المالية غير المشروعة على سلامة النظم الاقتصادية بها في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والمخاطر ذات الطابع العالمي مثل الإرهاب والتهرب الضريبي والاتجار بالبشر وغيرها”.
وأضاف رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن “ظاهرة التدفقات المالية غير المشروعة حظيت في الآونة الأخيرة باهتمام متزايد من جميع الدول وذلك نتيجة لتأثيرها المُدمّر على اقتصاد الدول بوجه عام والدول النامية بوجه خاص، فمما لا شكّ فيه أن التدفقات المالية غير المشروعة تحرم الدول في طور النمو من موارد مالية هي بأشدّ الحاجة لها نتيجة حرمان الاقتصاد من أموال لو استثمرت لاضافه نموًا مُستدامًا على الاقتصاد، وقد أشارت بعض الدراسات الصادرة عن البنك الدولي الى أن مقدار التدفقات المالية غير المشروعة قدرت بنحو تريليون دولار سنويا والذي يقابله انخفاض في معدلات التنمية المستدامة بنحو 100 بليون دولار سنويا ، كما قدرت بعض الدراسات ان كل دولار من المساعدة التنموية الموجه للدول النامية يقابله 10 دولارات تخرج في شكل تدفقات نقدية غير مشروعة
وكشف أن “حجم الأموال الناتجة عن الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية يقدر وفقا لإحصائيات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة بنحو 70 الى 213 مليار دولار سنوياً، ويماثل هذا حدود المساعدات التنموية الرسمية العالمية والتي تبلغ حوالي 135 مليار دولار سنوياً، مما يحرم اقتصاديات الدول النامية من مليارات الدولارات من تلك العوائد المفقودة وفرص التنمية الضائعة في حين تستفيد منها تلك الجماعات الإجرامية”.
وحول جرائم الاتجار بالبشر أوضح رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أنها “حظيت في الآونة الأخيرة اهتمام متزايد من جميع الدول وذلك باعتبارها أحد أهم الجرائم العابرة للحدود الوطنية والتي تحتل المرتبة الثالثة بعد تجارة المخدرات والسلاح في العالم ، فهي تعتبر أحد الجرائم التي تشكل خرقاً واضحاً لكرامة الانسان وادميته وحريته وحقوقه ، فجرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين بدأت تأخذ مكاناً مهماً على مستوى القانون الدولي والتشريعات الوطنية، فالأرقام والاحصائيات المقدرة بهذا الشأن باتت تفوق التوقع، مما يعني أن هنالك مشكلة حقيقية تدعو إلى تضافر الجهود الدولية وتعاونها لمحاربة تلك الظاهرة، والقيام بسن التشريعــات اللازمة لمحاربة كافة الصور والاشكال لتلك الجريمة”.
وأضاف أن “متحصلات جرائم الفساد ترتبط ارتباط وثيق بالتدفقات المالية غير المشروعة ونظرا لاتساع نطاق العلاقة بين جريمة غسل الأموال وجرائم الفساد وبروز هذه العلاقة في الآونة الأخيرة، فقد نصت الاتفاقيات الدولية على وضع جرائم الفساد ضمن جرائم غسل الأموال بهدف القضاء على الفساد وتجفيف منابعه، في حين كانت الاتفاقيات الدولية في السابق تقصر جريمة غسل الأموال على جرائم المخدرات، وفي هذا السياق نصت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة (اتفاقية باليرمو) على أن يطبق تجريم غسل الأموال على جرائم المشاركة في جماعة إجرامية منظمة وجرائم الفساد وعدد من الجرائم الأخرى الخطيرة”.
وشدد رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على أن “إسترداد الموجودات المنهوبة مسألة هامة في مجال مكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الارهاب مما يقتضي التعاون الفعال على المستوى المحلي بين كافة الأجهزة المعنية، بما يشمل جهات إنفاذ القانون ووحدة التحريات المالية والنيابة العامة والسلطات القضائية وغيرها من الجهات بما يسهم في اتخاذ الاجراءات المناسبة لاسترداد تلك الأموال، وعلى الجانب الآخر فلابد من توافر التعاون على المستوى الدولي لاسترداد الأموال من خلال الإستناد إلى الإتفاقيات الدولية المنظمة لهذا المجال وعلى رأسها إتفاقية مكافحة الفساد الصادرة عن الأمم المتحدة، كما يتطلب الأمر توافر النية الصادقة لدى الدول التي استقرت بها تلك الأموال للتعاون في مجال الاستجابة لطلبات الاسترداد بما يسهم في مكافحة مخاطر انتقال تلك الأموال المنهوبة من دولة إلى أخرى وصعوبة الوصول إليها”.
وفي كلمته أكد السيد الدكتور / صبحى مصباح زيد – رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا أن “مصر تمثل ركيزة أساسية لا يمكن تجاوزها للوصول لأفضل النتائج في مجالات عمل مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأن إقامة هذه الورشة الهامة في جمهورية مصر العربية دليلا على حرصها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ممثلة في أعلى السلطات والتزامها السياسي الرفيع لدعم هذه القضية”.
وأضاف أن “مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعبت منذ إنشائها في العام 2004م، دوراً محورياً وبارزاً في المنطقة، في مجال تقديم المساعدات الفنية للدول الأعضاء فيها لتعزيز وتقوية نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والرفع من الوعي بمخاطر هذه الجرائم وطرق محاربتها والتصدي الفعال لها، ويأتي تنظيم هذه الورشة في إطار تحقيق أحد الأهداف الاستراتيجية للمجموعة المتمثل في تعزيز التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية خاصة مجموعة العمل المالي (فاتف) والمجموعات الإقليمية النظيرة”.
وستتضمن جلسات الورشة بحث عدد من الموضوعات الهامة ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، منها: عمليات تمويل الإرهاب وكيفية التعرف علي المستفيد الحقيق منها، واسترداد الأصول المرتبطة بغسل الأموال الناتج عن جرائم الفساد، وغسل الأموال من خلال الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، والتدفقات النقدية غير المشروعة المتعلقة بالإتجار في الأحياء البرية، والتعاملات غير الرسمية وغير المشروعة في النقد الأجنبي، حيث من المقرر أن تتضمن الوثيق الختامية للورشة توصيات تمثل استراتيجية شاملة تساهم في تعظيم جهود دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيالمواجهة تحديات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وما يرتبط بهما من جرائم.