محمد وجيه: تفعيل منظومة التسجيل الإليكتروني للعقارات يتماشى مع جهود الدولة نحو التحول الرقمي
البنوك دوت كوم – محمد ابراهيم :
يعد القطاع العقاري فى مصر أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد المصري، وهو من أكثر القطاعات جذبًا لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية، كما أن هناك مجموعة من الخطوات القانونية والإجرائية التي يجب العمل عليها بصورة متكاملة لتنشيط القطاع.
ودعا “محمد وجيه” المحامي فى قسم التقاضي بمكتب “توكل” للمحاماه والإستشارات القانونية إلى ضرورة تحديث التشريعات العقارية وتنظيم العلاقة بين المطورين والمشترين بشكل أكثر توازنًا، فوجود قانون واضح لحماية حقوق المشترين والمطورين معًا سيزيد من الثقة في السوق، ويحد من النزاعات التي قد تؤثر سلبًا على سمعة القطاع.
وكشف “محمد وجيه”، عن أن تفعيل منظومة التسجيل الإلكتروني للعقارات وربطها بالبيانات الجغرافية والمالية، ضروري لضمان الدقة وسرعة التداول العقاري، وهو ما يتماشى مع جهود الدولة في التحول الرقمي.
وعن الأسباب القانونية الأكثر شيوعا لتأخر شركات المقاولات في تسليم الوحدات السكنية، أكد “محمد وجيه”، انه ومن واقع عملنا في مجال الاستشارات القانونية ومتابعة عقود المقاولات والعقارات، نلاحظ أن تأخر شركات المقاولات أو المطورين العقاريين في تسليم الوحدات السكنية يُعد من أكثر النزاعات شيوعاً بين العملاء والشركات.
وغالباً ما تعود هذه المشكلة إلى أسباب قانونية وتنظيمية متعددة، من أبرزها:
غياب التحديد الدقيق لموعد التسليم في العقد، أو استخدام عبارات فضفاضة مثل “بعد الانتهاء من الأعمال الإنشائية”، دون ذكر تاريخ محدد أو فترة زمنية واضحة، مما يفتح الباب أمام التأخير دون مسؤولية قانونية مباشرة.
وكذلك عدم استيفاء التراخيص أو الموافقات الإدارية من الجهات الحكومية المختصة، كالتراخيص البنائية أو توصيل المرافق، ما يؤدي إلى تعطّل تسليم المشروع رغم اكتمال البناء فعلياً.
وعدم التزام الشركة بجداول التنفيذ أو التمويل، خاصة في المشروعات التي تعتمد على دفعات المشترين في تمويل مراحل البناء، فتؤدي أي تعثرات مالية إلى توقف الأعمال وتأخر التسليم اضافة إلى سوء الإدارة أو ضعف الإشراف الفني على المشروع، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء الهندسية أو إعادة تنفيذ بعض الأعمال.
لذلك لابد من تضمين العقد بنداً صريحاً يحدد موعد التسليم النهائي، مع غرامة تأخير أو تعويض محدد القيمة، حتى يكون الالتزام متوازناً وواضحاً للطرفين فالعقد الواضح والمكتمل هو أول خطوة نحو استقرار العلاقة بين الشركة والمشتري، وتجنب أي نزاعات مستقبلية.
ولكي يثبت المشتري حقه قانونيا في حال تأخر التسليم عن الموعد المحدد، قال “محمد وجيه” ان العقد هو الوثيقة القانونية الأساسية التي تُنظم العلاقة بين الطرفين فإذا كان العقد ينص على موعد تسليم محدد وبند جزائي أو تعويضي في حال التأخير، فإن هذا النص يُعد الدليل الأول والأقوى أمام الجهات القضائية، ولإثبات التأخير بشكل قانوني، يجب على المشتري اتباع الخطوات التالية:
ضرورة الاحتفاظ بنسخة أصلية من العقد تتضمن ميعاد التسليم وشروط التعويض أو الغرامة.
وكذلك توجيه إنذار رسمي على يد محضر إلى الشركة يفيد بمطالبتها بالتسليم خلال مدة معينة، وإلا سيُتخذ ضدهـا الإجراء القانوني.
وفي حال استمرار التأخير، يمكن للمشتري رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض عن التأخير، أو طلب فسخ العقد واسترداد المبالغ المدفوعة إن كان التأخير جسيماً وغير مبرر.
وغالباً ما تميل المحاكم إلى إنصاف المشتري متى ثبت أن التأخير ناتج عن تقصير من الشركة وليس عن ظروف قهرية لهذا ننصح دائماً بأن يتضمن العقد من البداية بنوداً واضحة تحدد ميعاد التسليم وآلية التعويض، لأن وضوح الالتزامات هو الذي يجعل إثبات الحق أمراً سهلاً ومباشراً دون الدخول في نزاعات طويلة.
وعن ما إذا ما كانت المشكلات قد يكون لها تداعيات سلبية على الاستثمار في مصر، قال :” بالتأكيد، فإن تأخر تسليم الوحدات السكنية يترك أثراً سلبياً على مناخ الاستثمار العقاري، ويزعزع الثقة بين المستثمر والمطور، فعنصر الشفافية والانضباط التعاقدي هو من أهم مقومات أي بيئة استثمارية ناجحة.
ومع تكرار التأخير أو النزاعات، يشعر المستثمر أو المشتري بعدم الأمان القانوني، ما قد يدفع البعض إلى التردد قبل الإقدام على الشراء أو الاستثمار في القطاع العقاري لكن في المقابل، مصر تمتلك إطاراً تشريعياً متطوراً وقوانين حديثة — وعلى رأسها قانون العمل الجديد وقانون تنظيم التطوير العقاري وقانون حماية المستهلك — وجميعها مظلة حماية قوية متى تم تطبيقها بصرامة وشفافية، أما عن الحلول، فنحن نرى أنها تتمثل في عدة محاور أساسية:
1 – تشديد الرقابة على شركات التطوير العقاري والتأكد من جدية المطور قبل طرح أي مشروع للبيع.
2 – إلزام الشركات بالإفصاح الكامل عن التراخيص والمواعيد التنفيذية قبل التعاقد مع المشترين.
3 – تفعيل آلية التأمين أو الضمان البنكي لمشروعات البيع على الخارطة (Off-plan) بحيث لا تُستخدم أموال العملاء إلا في نفس المشروع.
4 – تسريع الفصل في النزاعات العقارية من خلال دوائر متخصصة.
5 – رفع الوعي القانوني لدى المشترين بضرورة مراجعة العقود قبل التوقيع، والاستعانة بمستشار قانوني متخصص.
والحل ليس في إصدار قوانين جديدة بقدر ما هو في تطبيق القوانين القائمة بفاعلية، مع تعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة، فالاستثمار لا يزدهر إلا في بيئة تحكمها قواعد واضحة والتزام متبادل بين الدولة والمطور والمشتري.
وعن النصائح القانونية التي وجهها “محمد وجيه” لمن ينتوي شراء وحدة سكنية من شركة مقاولات، قال إن النصيحة الأهم التي نوجّهها دائماً هي أن العقد ليس مجرد ورقة للتوقيع، بل هو الضمان الحقيقي لحقوق المشتري، لذلك يجب التعامل مع خطوة شراء الوحدة السكنية بعين القانون.
ومن واقع خبرتنا في الاستشارات العقارية، نوصي المشتري باتباع مجموعة من الإجراءات الأساسية قبل إتمام أي تعاقد، أهمها، ضرورة التحقق من الوضع القانوني للأرض والمشروع، وذلك من خلال الاطلاع على سند الملكية والتأكد من أن الشركة المالكة لديها حق البيع ولم تُصدر ضدها نزاعات أو رهون عقارية.
ومراجعة الترخيص الصادر للمبنى أو المشروع من الجهة الإدارية المختصة، والتأكد من أن البناء قائم وفقاً للمواصفات القانونية وليس مخالفاً.
والاحتفاظ بنسخة رسمية من العقد وجميع الإيصالات والمراسلات، وعدم التوقيع أو دفع مقدم حجز قبل مراجعة العقد من محامٍ متخصص.
وتفضيل المشروعات المعتمدة والمسجلة لدى جهاز تنظيم التطوير العقاري أو هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لأن المشروعات الخاضعة للرقابة الرسمية، وفي النهاية، نقول دائماً إن الوقاية القانونية أفضل من التقاضي؛ فمراجعة مستند بسيط قبل الشراء قد توفر على المشتري سنوات من النزاع والخسارة ، فالقانون وُجد لحماية الجميع، لكنه لا يحمي من لا يُحسن استخدامه.
وفيما يتعلق بالإجراءات القانونية اللازمة لتنشيط سوق الاستثمار العقاري في مصر، قال “محمد وجيه”، لتنشيطه بشكل مستدام، هناك مجموعة من الخطوات القانونية والإجرائية التي يجب العمل عليها بصورة متكاملة.
ضرورة تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات الخاصة بتسجيل الملكية ونقلها، فسهولة التسجيل وتوضيح الملكية القانونية للعقارات تُعد من أهم عوامل جذب المستثمرين، خاصة الأجانب الذين يبحثون عن الوضوح القانوني والأمان التشريعي.
ولابد من تطوير آليات تمويل عقاري مرنة ومتنوعة، سواء من خلال البنوك أو الصناديق الاستثمارية، مع وضع ضوابط قانونية واضحة تضمن حقوق المستثمرين والممولين والمستهلكين.
وأخيرًا، يجب أن يكون هناك تنسيق مستمر بين التشريعات العقارية والاستثمارية، بحيث يكون المستثمر الأجنبي قادرًا على الدخول إلى السوق بسهولة، وتملك العقارات أو استثمارها في إطار قانوني مستقر ومضمون، بإيجاز، تنشيط السوق العقاري لا يعتمد فقط على البنية الاقتصادية، بل على البيئة التشريعية المستقرة والشفافة التي تمنح الثقة للمستثمرين وتضمن حقوق جميع الأطراف.