اقتصاد

الاتحاد المصري للتأمين يدعم الحوار المجتمعي حول قانون التأمين الموحد الذي يتضمن نصوصا تتعلق بالتأمين التكافلي

البنوك دوت كوم:

منذ نهاية السبعينيات من القرن العشرين ظهرت فكرة “التأمين التكافلي” ، وفي الأساس نشأ التأمين التكافلي كفكرة مكملة ومعززة لفكرة الصيرفة أو البنوك الإسلامية حيث أسست أول شركة تأمين بدولة السودان من قبل بنك فيصل الإسلامي في عام 1977 ، ثم الشركة الإسلامية العربية للتأمين  بدولة الأمارات العربية المتحدة بمبادرة من بنك دبى الإسلامي في  1979 .

ثم انفصل التأمين التكافلي عن المصارف الإسلامية وتم تأسيس العديد من شركات التأمين التكافلي بشكل مستقل على مستوي العالم وكان هناك العديد من العلامات الهامة الفارقة في تطور التأمين التكافلي عالميا وأهمها: –

  1. صدور أول قانون خاص بتنظيم التأمين التكافلي عالمياً (قانون التكافل 1984) بماليزيا.
  2. تأسيس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI – عام 1990 ومقرها مملكة البحرين وهي هيئة معنية بوضع المعايير الشرعية والمحاسبية للأنشطة المالية الإسلامية ومنها التكافل
  3. تأسيس مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB عام 2002 ومقره كولالمبور -ماليزيا وهو مجلس مختص بوضع معايير رقابية وتنظيمية ومعايير مرتبطة بالملاءة المالية والإفصاح والشفافية.
  4. بالنسبة للسوق المصري: فقد أسست عدد من شركات التأمين التكافلي منذ سنوات وصدرت عدة ضوابط وقرارات لتنظيمه، إلا أن “مشروع قانون التأمين الموحد” قد أفرد وللمرة الأولى فصلاً مستقلاً لتنظيم التأمين التكافلي (الفصل الخامس من المادة 81 – 88)

هدف النشرة الأخطار.

تستهدف هذه النشرة مناقشة النقاط التالية:

  1. الخصائص الرئيسية للتأمين التكافلي
  2. تطور سوق التأمين التكافلي
  3. أهم الفرص والتحديات التي تواجه صناعة التأمين التكافلي

وتجدر الإشارة إلى أن هذه النشرة لا تستهدف بأي شكل من الأشكال تقييم نظام التأمين التكافلي من الناحية الفنية أو الشرعية أو مقارنته بنظام التأمين التقليدي ، ولكنها تركز على المحاور السابقة من منطلق أن التأمين التكافلي أصبح مكوناً أساسياً من مكونات صناعة التأمين العالمية والمصرية.

الخصائص الرئيسية للتأمين التكافلي

 

  1. الحوكمة والرقابة الشرعية

حيث تقوم شركات التأمين التكافلي على أساس تقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية ، فإن إطار الحوكمة الخاص بشركات التكافل يتطلب وجود “هيئة رقابة شرعية” للتأكد من كون كافة أوجه عمل الشركة متوافقة مع الشريعة الإسلامية لاسيما أنشطة الاكتتاب و الاستثمار، ووجود هيئة رقابة شرعية هو متطلب أساسي في كافة المعايير و الضوابط التي تصدرها الهيئات الدولية السابق الإشارة إليها فضلاَ عن القوانين المحلية بالدول المختلفة ، وقد ألزمت الضوابط الصادرة من الهيئة العامة للرقابة المالية ، و مشروع قانون التأمين الموحد (مادة 84) شركات التأمين التكافلي بتشكيل هيئة رقابة شرعية.

 

  1. الفصل بين أموال حملة الوثائق (المشتركين) وحملة الأسهم

في شركة التأمين التكافلي يتم الفصل بين أموال حملة الوثائق و حملة الأسهم وذلك من خلال تخصيص حسابات منفصلة لكل منهم، وتنبع هذه الخاصية من طبيعة دور شركات التأمين التكافلي والتي لا تصبح مؤمن بالمعني التقليدي، بل تعد مدير لمحفظة أعمال التأمين والاستثمار لصالح حملة الوثائق وبمقابل معين يتحدد وفقاً لنموذج عمل الشركة، وفي هذا الصدد نرى عدة نماذج تشغيلية تحكم العلاقة بين حملة الوثائق وحملة الأسهم وفقا للعقود المستخدمة في بناء النموذج التشغيلي.

و عليه تتحدد العوائد التي تحصل عليها شركة التأمين (نسبة من أرباح المضاربة، نسبة من أرباح الاستثمار، أتعاب وكالة …الخ).

 

 

  1. توزيع الفائض التأميني / الاستثماري على المشتركين

استنادا إلى مبدأ التكافل، تمتاز شركة التأمين التكافلي بتوزيع نسبة من الفائض التأميني والاستثماري المتحقق من عمليات التأمين والاستثمار على حملة الوثائق، ويحكم توزيع الفائض:

  • الإطار التشريعي والرقابي: فعلى سبيل المثال ألزم مشروع قانون التأمين الموحد بمصر أن يكون الحد الأدنى للفائض الموزع بنموذج المضاربة 50%
  • النموذج التشغيلي (مضاربة، وكالة …. الخ)
  • النظام الأساسي للشركة
  • شرط التكافل بوثائق التأمين (الذي يحكم العلاقة بين حملة الأسهم وحملة الوثائق)

 

 

تطور أقساط التأمين التكافلي العالمي

 

بلغ حجم سوق التأمين التكافلي العالمي بدلالة إجمالي الأقساط المكتتبة ما يقرب من 27.6 مليار دولار أمريكي في عام 2021، ومن المتوقع أيضًا أن تنمو الصناعة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 13٪ في الفترة المتوقعة 2022-2027 لتصل إلى 49 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027.

وتأتي نسب النمو المضطردة في التأمين التكافلي من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلي دول آسيا لا سيما منطقة جنوب شرق آسيا فضلاً عن وجود سوق واعدة و لكنها مازالت محدودة كنسبة مشاركة في صناعة التأمين التكافلي العالمية وهي السوق الأفريقية. ويلاحظ أن توقعات النمو المرتفعة (والتي تحققت في الماضي أيضاً) تقوم على بعض الافتراضات الناجمة عن طبيعة صناعة التأمين التكافلي والتي سنناقشها بالتفصيل اللاحق.

فرص صناعة التأمين التكافلي

 

يعتبر التكافل صناعة مزدهرة، مع تزايد إجمالي الأقساط المكتتبة عالمياً، وهناك العديد من الفرص التي يمكن لشركات التكافل استغلالها، ويمكن تلخيص الفرص الرئيسية على النحو التالي:-

  • الوعي المتزايد بشأن التأمين التكافلي وخصائصه في مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ ودول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا.
  • انخفاض نسب اختراق التأمين (نسبة إجمالي الأقساط المكتتبة/ الناتج المحلي الإجمالي)، وكثافة التأمين (متوسط قسط التأمين / نسمة) في دول العالم الإسلامي.
  • يبلغ عدد المسلمين حوالي 1.5 مليار نسمة، يقطن غالبيتهم في دول تعد من الاقتصادات الناشئة والفقيرة التي مازالت تعاني من فجوة تأمينية متسعة.
  • وجود خدمات التأمين التكافلي متناهية الصغر والتي تناسب الطبقات الفقيرة، والتي لا يمكن خدمتها من خلال منتجات التأمين التقليدي بسبب آراء دينية أو عقائدية،
  • تضاؤل أو عدم كفاية أشكال التعاون العائلي والخيري الذي اعتمدت عليه العديد من المجتمعات التقليدية لفترة طويلة من الزمن لاسيما مع زيادة النزوح للحضر Urbanization.
  • أن المنتج النهائي للتأمين التكافلي يؤدي ذات الوظائف التي يؤديها المنتج التقليدي ومن ثم ينشأ عليه طلب من كافة قطاعات المجتمع دون أساس ديني أو عقائدي.

تحديات صناعة التأمين التكافلي

بالرغم من تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وما يرتبط بذلك من وجود فرص أمام صناعة التأمين التكافلي بالتفصيل السابق إلا أنه ثمة العديد من التحديات التي تواجه صناعة التأمين التكافلي باعتبارها صناعة ناشئة مقارنة بالتأمين التقليدي وهذا على النحو التالي: –

  1. 1. تحديات التنظيم والحوكمة

على الرغم من النمو المضطرد في صناعة الـتأمين التكافلي ، فإن تطوير الإطار التشريعي التنظيمي لا يزال غير مواكب لهذا التطور فما زالت العديد من الدول والأسواق ليس لها إطار تشريعي مستقل وواضح للتأمين التكافلي ، وتأتي الحاجة إلي ذلك الإطار من الخصائص المختلفة للتأمين التكافلي مثل  التحديات المتعلقة بحوكمة عمليات التكافل ، لا سيما فيما يتعلق بتضارب المصالح بين حملة الوثائق و حملة الأسهم ، ومتطلبات الملاءة لصندوق حملة الوثائق و  المساهمين بشكل منفصل ، ومخاطر عدم الالتزام الشرعي فيما يتعلق بالسياسة الاكتتابية أو الاستثمارية والمبادئ التوجيهية لتحديد عوائد شركات التأمين  (مثل رسوم الوكالة و / أو نسب المشاركة في الربح).

وتختلف المداخل التشريعية والتنظيمية للتأمين التكافلي فبعض البلدان لديها تشريعات منفصلة لتنظيم نشاط التأمين التكافلي (مثل ماليزيا) والبعض الآخر ينظم نشاط التأمين التكافلي من خلال مواد بتشريعات التأمين (مشروع قانون التأمين الموحد بمصر) و ثمة دول أخري يصدر فيها مراقب التأمين مبادئ توجيهية تشير إلى المعايير الدولية مثل معايير  هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (مثل البحرين) ، وهناك دول لا تمتلك أي إطار تشريعي أو تنظيمي أو رقابي للتأمين التكافلي بالرغم من سماحها بتأسيس شركات تكافلية.

  1. 2. التحديات المتعلقة بالمنافسة

تختلف طبيعة المنافسة في الأسواق المختلفة وفقاً للنظام المالي المطبق ويمكن التفرقة بين عده أنظمة في هذا الصدد: –

  • النظام المالي المزدوج Dual system : والذي يسمح لكل من شركات التأمين التقليدي والتأمين التكافلي بالعمل جنباً إلى جنب ، وهو النظام الأكثر شيوعاً عالمياً.
  • النظام المالي الوحيد Single system: وهو نظام لا يسمح إلا بإقامة شركات تأمين تكافلية وهو مطبق في السودان و نظرياً في باكستان.

كما أن هناك دولاً تسمح لشركات التأمين التقليدية بافتتاح نوافذ أو منصات تكافلية Takaful Window مثل أندونيسيا وباكستان وقطر والمملكة المتحدة، وهذا النظام يسمح للشركات التقليدية منافسة شركات التأمين التكافلي من خلال استغلال أصول وملاءة وتصنيف الشركة الأم دون تخصيص رأس مال أضافي يعادل رأس مال شركة التكافل أو تكبد تكاليف إدارية مماثلة و هذا هو السبب وراء أن العديد من الدول تشترط تأسيس شركات تأمين تكافلي متخصصة ومنفصلة.

  1. التحديات المتعلقة بالاستثمار

لا تزال استراتيجية الاستثمار تشكل تحدياً رئيسياً لشركات التكافل لعدة أسباب:

  • عدم وجود أوعية استثمارية تتوافق مع الشريعة الإسلامية في العديد من البلدان فضلاً عن عدم اعتماد بعض الصكوك والأوعية الاستثمارية من قبل هيئات الرقابة الشرعية.
  • العديد من منتجات الاستثمار والتمويل الإسلامي هي منتجات ذات درجة مخاطرة مرتفعة، وبالتالي لا تناسب ضوابط استثمار الأموال المخصصة والذي يخلق يجعل البدائل المتاحة أمام شركات التأمين التكافلي محدودة لتعظيم عوائدها الاستثمارية.
  • يسبب عدم قدرة شركات التأمين التكافلي اللجوء إلي الاستثمارات ذات الفائدة الثابتة، التقليل من قدرتها على التنافس مع منتجات تأمين الحياة بسبب عدم القدرة على تقديم الحد الأدنى من العوائد المضمونة في إطار وثائق التكافل العائلي.

 

  1. منهجية تقييم الملاءة المالية والتصنيف الائتماني

تخلق عملية الفصل بين أموال حملة الوثائق وأموال حملة الأسهم العديد من التحديات أمام عملية قياس الملاءة المالية والتصنيف الائتماني لشركات التأمين التكافلي بشكل يأخذ في الاعتبار العوامل الأتية:

  • التقييم المستقل لملاءة كل من صندوق حملة الوثائق وحسابات حملة الأسهم.
  • تحديد الأسلوب الأمثل للتعامل مع “القرض الحسن” هل هو دين ممتاز أم أن لحقوق حملة الوثائق الأولوية عند تصفية الشركة.
  • في حالة السماح بتأسيس شركات تكافلية للتأمينات العامة والحياة – حالة أن النظام القانوني للدولة يسمح بذلك ، يجب الأخذ في الاعتبار عدم تحويل الأموال بين صندوقي حملة الوثائق وتقييم ملاءة كل صندوق على حدة ، وكذلك صناديق تأمينات الحياة المخصصة لوثائق ذات طبيعة معينة Ring – fenced funds.

وقد أصدر مجلس الخدمات المالية الإسلامية المعيار رقم 11 والخاص بمتطلبات تقييم الملاءة المالية لشركات التكافل Standard on Solvency Requirement for Takaful Undertaking (IFSB-8) والذي يعالج العديد من التحديات الخاصة بتقييم الملاءة المالية والتصنيف الائتماني لشركات التأمين التكافلي.

 

  1. التحديات المتعلقة بإعادة التأمين

يواجه شركات التأمين التكافلي بشكل رئيسي عدم كفاية الطاقة الاكتتابية المتاحة من شركات إعادة التكافل، لا سيما في ضوء انسحاب بعض شركات إعادة التكافل من السوق العالمية بسبب التصفية لأسباب مختلفة ، و بالرغم من وجود هذا التحدي منذ ظهور صناعة التأمين التكافلي إلا أنه يتم التغلب عليه من خلال “قاعدة الضرورة” والتي سمحت بموجبها هيئات الرقابة الشرعية باستخدام أسواق إعادة التأمين التقليدية في حالة وجود نقص في الطاقة الاكتتابية المعروضة من قبل شركات إعادة التكافل.

  1. ندرة الكفاءات والمهارات والخبرة

التأمين صناعة تحركها الخبرة البشرية، حيث يعتبر رأس المال البشري المؤهل من أصولها الأساسية. و هناك العديد من التحديات التي تواجه صناعة التأمين التكافلي في هذا الصدد منها:

  • عدم وجود إطار للكفاءات التي يجب أن تتوافر لدى العاملين في مجال التكافل وإعادة التكافل.
  • إعداد تدريب متخصص للعاملين في مجال التكافل بما في ذلك الجوانب الفنية وإدارة المخاطر المؤسسية والالتزام والجوانب المالية.
  • تطوير الكفاءة الـتأمينية والفنية لأعضاء اللجان الشرعية، ومعالجة نقص المعرفة بالشريعة لدى المسئولين التنفيذيين والفنيين.

 

  1. التحديات المتعلقة بالتسويق

يجب أخذ القضايا الآتية في الاعتبار عند وضع استراتيجية لتسويق منتجات التأمين التكافلي:

  • التوافق مع الشريعة الإسلامية يضع التكافل في موضع مناسب للتطبيق في البلاد الإسلامية ومع ذلك يجب أن يتوافر في منتجات التكافل توفير خدمة تأمينية ذات درجة اعتمادية مناسبة و عالية الجودة و بأسعار و شروط تنافسية.
  • تسويق التأمين التكافلي على أساس أنه منتج ذو مزايا مثل تقديم خدمة تأمينية مع إمكانية توزيع فوائض على العملاء وليس على أساس أنه منتج ذو طبيعة دينية.

 

8- الفجوة بين النظرية والتطبيق:

ينتقد بعض الخبراء والكتاب صناعة التأمين التكافلي على اعتبار أ   ن ثمة فجوة بين الممارسات الفعلية من حيث الاكتتاب و السياسات الاستثمارية و الضوابط الشرعية والمعايير الخاصة بشركات التأمين التكافلي ، وبصفة عامة لا يمكن تعميم هذا الانتقاد أو التحدي لأن هذا الأمر لا يمكن تقييمه إلا على المستوي الجزئي للشركات كل على حدة.

دور الاتحاد المصري للتأمين

قام الاتحاد المصري للتأمين بمجموعة من الجهود في تطوير صناعة التأمين التكافلي منها إدارة الحوار المجتمعي الخاص بمشروع قانون التأمين الموحد الذي أعدته الهيئة العامة للرقابة المالية والذي يعد من مزاياه الأساسية إفراد فصل كامل لشركات التأمين التكافلي، بالإضافة إلي مناقشة اللجان الفنية بالاتحاد خاصة اللجنة المالية والاستثمار، العديد من القضايا الخاصة باستثمارات شركات التأمين التكافلي.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى