مقال رئيس التحرير

ما معني الرزق؟

بقلم- نجلاء ذكرى:

في الفجر تستيقظ كل الخلائق سعيا للرزق .. ومن بين مخلوقات الله الانسان الذي استخلفه في الارض .. نستيقظ من النوم غير مدركين اننا نستيقظ من الموت .. ففي نومنا تصعد ارواحنا لبارئها وترد روح من كتب له الحياة الي جسده .. نستيقظ غير مدركين لهذه المعجزة التي تحدث لنا يوميا ولا ندرك مغزاها .. فهي مرحلة برزخية لم يفك شفرتها احد حتي الان. البعض منا يحلم بأحداث مستقبلية واضحة .. والبعض يحلم برموز لا يفك طلاسمها الا بعد حين.

تستيقظ الخلائق بحثا عن رزقها الذي هو علي الله وليس علي الحكومة أو راتب أخر الشهر .. ولكل منا سعيه ونيته.

ربما يري البعض ان هذا المقال بعيد كل البعد عن الكلام في الاقتصاد ولكن من يمعن النظر سيجد هناك رابطا قويا بين ما نعتقد وبين ما نحقق علي ارض الواقع.

الموظف الذي لا يكفي راتبه متطلبات حياته يجد الحل في الرشوة ولا يدرك ان هذا الرزق مقدر له في الحلال لو لم يطلبه في الحرام .. كيف؟ حلال الرزق ليس مالا او ذهبا ولكنه ستر .. صحة.. راحة بال .. تفوق الابناء وبرهم بوالديهم.. سعادة دائمة في البيت .. أشياء لو تم تقويمها بالمال لكانت ملايين المرات ضعف ما ناله هذا الموظف بالرشوة.

المشكلة اننا نطالب الحكومة بكل شئ ونري في غلاء المعيشة تقصير وفشل في السياسات وحقيقة الامر نحن الملومين في هذا الغلاء .. كم من التجار استغل الموقف ورفع اسعار سلعته بدون مبرر.. كم من مقدمي الخدمة فعلوا نفس الشئ .. كم من المضاربين علي العملة وغيرهم ضاربوا علي الاسعار غير مدركين ان النار التي يلعبون بها ستلهب اصابعهم وابدانهم.

كم من الفاسدين قاموا بغش السلع وبيعها للناس غير مكترثين بتأثيرها الضار علي صحة من يشتريها.
اننا في حلقة مفرغة من سوء الاخلاق الذي كافحه الغرب عبر القوانين التي يتم انفاذها حتي علي الوزراء او الامراء. فقوانين مثل حماية المنافسة ومنع الاحتكار عالجها الاسلام قبل ان يتم وضعها في قوانين ومواد واحكام وغرامات وعقوبات .. نجح المصريون قديما في عهد الفراعنة العيش بسلام لانهم احتكموا الي الاخلاق والعيب قبل ان يحتكموا الي التعاليم الدينية .. المصري القديم لم يكن يسرق او يزني او يلوث النهر او يعق والديه او يهين زوجته .. لذلك صنعوا حضارة وقوة عاشت ٤٠ قرنا من الزمان وحكموا العالم ..
البحث عن الرزق يبدأ من الضمير والحياة الجيدة تعيش بالاخلاق ..

استطاع عمر ابن عبد العزيز ان يجعل الرخاء يعم البلاد لدرجة اطعام الطير في اقل من ثلاث سنوات عبر ألية بسيطة للغاية وهي العدل والاخلاق.

الاقتصاديون يتحدثون عن معدلات التضخم والفقر والاولي ان يتحدثوا عن معدلات مكافحة الفساد والعدل وتطبيق القانون والتعليم .. اننا امام مرحلة مفصلية في تاريخ مصر .. اما ان نقوم ونرتفع واما ان نسقط جميعا وينتهي امرنا فنحن مثل قوم في بلدة يحيط بها الذئاب من كل جانب .. ينتظرون حالة الفوضي والانقسام ليهاجموا هجمة واحدة لوليمة كبيرة انتظروها سنوات طوال.

اهتموا بالتعليم والعدل وازرعوا الامل في نفوس الشباب بالفعل وليس بالاغاني والاحتفاليات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى